خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ
١٧
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَىٰ ٱلزَّكَٰوةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ
١٨
-التوبة

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى: ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له، وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر أي بحالهم وقالهم: كما قال السدي: لو سألت النصراني ما دينك؟ لقال: نصراني، ولو سألت اليهودي ما دينك؟ لقال: يهودي، { أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } أي بشركهم { وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَالِدُونَ }. ولهذا قال تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، قال الله تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ }" . وروى الحافظ أبو بكر البزار عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما عمار المساجد هم أهل الله" ، وعن أنس مرفوعاً يقول الله: وعزتي وجلالي إني لأهم بأهل الأرض عذاباً، فإذا نظرت إلى عمار بيوتي، وإلى المتحابين فيّ، وإلى المستغفرين بالإسحار، صرفت ذلك عنهم. وقال عبد الرزاق عن عمرو بن ميمون الأودي قال: أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: إن المساجد بيوت الله في الأرض، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها، وقال المسعودي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ولم يأت المسجد ويصلي، فلا صلاة له وقد عصى الله ورسوله، قال الله تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ }، وقوله: { وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ } أي التي هي أكبر عبادات البدن { وَآتَىٰ ٱلزَّكَاةَ } أي التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق، وقوله: { وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي ولم يخف إلا من الله تعالى ولم يخش سواه { فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ }، قال ابن عباس: من وحّد الله وآمن باليوم الآخر { وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ } يعني الصلوات الخمس { وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ } يقول لم يعبد إلا الله { فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ }، يقول تعالى إن أولئك هم المفلحون كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم: { { عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79]، وهي الشفاعة، وكل "عسى" في القرآن فهي واجبة، وقال محمد بن إسحاق: وعسى من الله حق.