{ فَأَتْبَعَ سَبَباً }، أي: سلك وسار، قرأ أهل الحجاز، والبصرة "فاتَّبع" و"ثم ٱتَّبَعَ" موصولاً مشدداً، وقرأ الآخرون بقطع الألف وجزم التاء؛ وقيل: معناهما واحد.
والصحيح الفرق بينهما، فمن قطع الألف فمعناه: أدرك ولحق، ومن قرأ بالتشديد فمعناه سار، يقال: ما زلت أتَّبعه حتى أتبعته، أي: ما زلت أسير خلفه حتى لحقته.
وقوله: "سبباً" أي: طريقاً. وقال ابن عباس: منزلاً.
{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ }، قرأ أبو جعفر، وأبو عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر: "حامية" بالألف غير مهموزة، أي حارَّة، وقرأ الآخرون "حَمِئة" مهموزاً بغير الألف، أي ذات حَمْأَةٍ، وهي الطينة السوداء.
وسأل معاوية كعباً: كيف تجد في التوراة أن تغرب الشمس؟ قال: أجد في التوراة أنها تغرب في ماء وطين.
قال القتيبي: يجوز أن يكون معنى قوله: { فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ } أي: عندها عين حمئة، أو في رأي العين.
{ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً }، أي عند العين أُمَّة، قال ابن جريج: مدينة لها اثنا عشر ألف باب، لولا ضجيج أهلها لسمعت وجبة الشمس حين تجب.
{ قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ }، يستدل بهذا من زعم أنه كان نبياً؛ فإن الله تعالى خاطبه، والأصح: أنه لم يكن نبياً، والمراد منه: الإِلهام.
{ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ }، يعني: إمّا أن تقتلهم إن لم يدخلوا في الإِسلام، { وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً }، يعني: تعفو وتصفح. وقيل: تأسرهم فتعلمهم الهدى، خيّره اللَّهُ بين الأمرين.